كيف للجزائر الجديدة أن تستقطب الأدمغة المهاجرة و شبابها لازال يغادرها على متن قوارب الموت! أثارت قضية هجرة حوالي400 شاب خلال ليلة واحدة في هذه الظروف الصعبة إلى الضفة الأخرى من البحر على متن قوارب الموت موجة من الغضب لدى مستخدمي مواقع التواصل الإجتماعي من الجزائريين، لكن الملاحظ أن الأغلبية راح يلقي اللوم على الشباب الهاجر محملين إياهم مسؤولية المخاطرة بحياتهم، فبدل الإهتمام بإنشغالات الشباب و السعي إلى دراسة أسباب الهجرة الغير الشرعية لإيجاد حلول لهذه الظاهرة، و الإستثمار في طاقات الشباب بوطنهم الأم و تحميل النظام مسؤولية هجرة أبنائه مخاطرين بحياتهم مخيرين بين الموت أو الوصول إلى المبتغى المهم عدم الرضى عن أوضاعهم بالجزائر و تحقيق مستقبلهم في بلدان دستورها هو السيد، و قانونها كالموت لا يستثني أحدا الحق فيها حق و الباطل فيها باطل و إقتصادها قوي مواطنوها يحترمون أنفسهم وأوطانهم. الشباب أصبح مخير بين مستقبله ووطنه، فأغلب شبابنا يتعرض في وطنه إلى الحقرة و التهميش و اللإهتمام من السلطات و بيروقراطية الإدارة، مشاريع لا تمنح إلا عن طريق المعريفة و المحابات ، الإستثمار مقتصر على رجال المال و الأعمال ، أما بالنسبة لمناصب الشغل فيتم توفير منصب أو منصبين يتنافس عليها أكثر من 1000 شاب، خريجي الجامعات أصغرهم بعمر 24 سنة لا يملك من وطنه ألا لباسه الذي يرتديه، و حتى إن توفر منصب الشغل فإن الشاب سيشتغل لأكثر من سنتين براتب قريب من المجان، ليصل الشاب سن الثلاثين فيصطدم بنظرات الواقع المؤلم فيجد نفسه كهلا يسعى لقوت عائلته و فقط همه الوحيدة هو ( الخبزة ).. ألا يعلم من ينتقد الشباب الحراقة أن حتى أدمغة الجزائر من أطباء، دكاترة و باحثين في مختلف المجالات، صحفيين هم أيضا حراقة لكن بطريقة شرعية ؟ فالوضع بحاجة إلى دراسات معمقة ورد الإعتبار للمواطن الجزائري المعروف بوطنيته و شهامته و حبه للجزائر لكن أغلبهم لم يجد له مكانا ليخدم وطنه فهاجر إلى حيث يجد نفسه وقيمته الحقيقية ويطور ذاته و مواهبه وأبحاثه،وبالنسبة لمن يبرر بتوفر مناصب الشغل سأكتفي بالقول خريج الليساني و الماستر و الدكتوراه لا يستحق أن يكون صاحب طاولة في السوق. حكيم عبدالمالك